العلاج بالموسيقي : هل حقيقة أم خرافة؟

العلاج بالفنون هو توظيف الفنون لعلاج الأمراض النفسية وتعديل السلوكيات من خلال جلسات توظف مختلف الفنون من فن تشكيلي ورسم وموسيقى وسيكودراما وما يعرف بجلسات الحكي في رحلة علاجية مثمرة. ومصطلح العلاج بالفن في الحقيقة ليس مصطلحا جديدا ولكنه وضع عن طريق أدريان هيل منذ عام 1942 والعلاج بالفن بدأ قبل هذا بأعوام إلا أنه بدأ يعرف بمسمى وتشكل بشكل أوضح منذ هذا العام. وتسأل الكثيرين هل تعالج الفنون الأمراض العضوية أيضا أم الاضطرابات النفسية فقط؟ وهل يمكن أن تغنى الفنون عن جلسات العلاج النفسي والعضوي والعقاقير؟ أدريان هيل فنان ورسام وكاتب ومعلم ومذيع ومعالج بالفنون أيضا. لكي تعي كيف توصل أدريان هيل لفكرة العلاج بالفنون يجب أن تفهم الظروف التي أدت إلى ذلك. عاش أدريان هيل أثناء الحرب العالمية الأولى وعاصر الجنود الذين عانوا من اضطرابات ما بعد الصدمة بعد مواجهتهم لأهوال الحرب. لاحظ أدريان هيل أن هؤلاء المصابين لم يستطيعوا أبدا التعبير عن مشاعرهم بالكلام، لذا؛ وجدت صعوبة كبيرة جدا في فهم مشاكلهم والتعامل معها ومعالجتها بالشكل اللائق. لاحظ أدريان استجابة الجنود لأشكال الفنون المختلفة وشهد كيف استطاعوا من خلال الرسم توصيل مشاعرهم بشكل أفضل والتعامل معها بعد ذلك من خلال العلاج النفسي المتعارف عليه. لذا؛ يمكنكم من هذا أن تصلوا لحقيقة دور الفنون في العلاج. العلاج بالفن هو علاج مكمل ولا يصلح ممارسته وحيدا ألا إن الكثير من الدراسات والأبحاث أثبتت بما لا يدع مجال للشك الدور الكبير الذي تلعبه الفنون في التفريغ وإسقاط المشاعر السلبية التي فشل المرضي في التعبير عنها بكلمات واضحة. كما أثبتت مئات التجارب أن الحالات التي تم معالجتها بالفنون كعلاج مكمل حققت نجاحا كبيرا وأظهرت نتائج أفضل وأسرع موازنة بالحالات التي تم علاجها بالطريقة التقليدية فقط. سيتناول هذا المقال العلاج بالموسيقى على وجه الخصوص وما خرجت به الأبحاث والدراسات في هذا المجال. سواء كنت تعاني من قلق أو أزمات أو توتر أو ضغوط يومية أو تقلبات مزاجية أو كنت تعاني من مرض نفسي أو حتى آلام ناتجة عن أمراض مزمنة ثق أن هذا المقال سيساعدك ويرشدك لما يمكن للموسيقى أن تحققه من أثر عليك.

1- الموسيقى مقاومة للقلق والتوتر والمزاج السيئ

لأبد أنك لاحظت أنه أثناء مزاجك السيئ، الاستماع لموسيقاك المفضلة يجعل مزاجك يبدأ بالتحسن تدريجيا. الأختيار المناسب للموسيقى أثبت أنه يخلق الشعور بالسعادة وينظم المشاعر ويساعد على الاسترخاء. ثبت علميا أيضا قدرة الموسيقى الهادئة الخالية من الكلمات على الحد من القلق والتوتر.

يلجأ الكثير من الأطباء حول العالم لسماع الموسيقى الهادئة أثناء العمليات الجراحية الصعبة وعلاج الأسنان وغيرها. واستخدمت الموسيقى أيضا لطمئنه المرضى وتهدئتهم. استخدمت الموسيقى مع مرضى السرطان ولوحظ أنها أعطت نتائج جيدة جدا في تخفيف القلق والتوتر بالمقارنة مع المرضى اللذين تلقوا الرعاية فقط دون موسيقى. كما ثبت تعزيز الموسيقى للتحفيز الذهني والبدني مثل سماع الموسيقى أثناء لعب الرياضة أو الألعاب الذهنية.

2- الموسيقى والذاكرة

أثبت العلماء أن الأنماط المتكررة للموسيقى والكلمات تعزز الذاكرة بشكل جيد جدا حيث تكون ذاكرتنا نمط التكرار مما يحسن الذاكرة. قامت دراسة بالتركيز على الناجيين من السكتات الدماغية وكيف ساعدتهم الموسيقى على تكوين ذاكرة لفظية أفضل وتحسن الانتباه وتقليل التشويش. وقد وجد أن مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة الموسيقية لا تتأثر بشكل كبير بمرض الزهايمر. نذكر قصة الباليرينا الشهيرة مارثا سي جونزاليس التي أصيبت بالزهايمر ولكنها كانت تتذكر حركات رقصتها بمجرد سماع الموسيقى الخاصة بها. كما تساعد الموسيقى مرضي الزهايمر على الحفاظ على بعض القدرات العقلية.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

3-الموسيقى وتخفيف الألم

تمت دراسة على مرضى خضعوا لعمليات جراحية وقد تعرض جزء منهم لسماع الموسيقى قبل وأثناء وأحيانا بعد إجراء الجراحة بينما لم تتعرض المجوعة الأخرى لأي موسيقى. وجد أن الألم كان أقل والرضا كان أفضل وحتى التعافي كان أسرع بين أفراد المجموعة التي استمعت للموسيقى مقارنة بالمجموعة الأخرى.

استخدمت الموسيقى أيضا لرعاية الأفراد المصابين بأمراض خطيرة ومزمنة ووجد أنها ساعدت في التواصل بشكل أفضل. وساعدت الموسيقى في تعبير المرضي عن مشاعر الخوف والغضب والقلق

4- الموسيقى واضطراب طيف التوحد

الصورة عبر Lorenzo Spoleti على unsplash

من المعروف أن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يجدون صعوبة شديدة في مهارات التواصل والانتباه والمهارات الاجتماعية بوجه خاص. وجدت الأبحاث أن أطفال طيف التوحد الذين تم خضوعهم لجلسات العلاج بالفن من خلال الموسيقى أظهروا نتائج أفضل كثيرا في قصور الانتباه وتحسنت قدرتهم على التواصل نسبيا.

5-الموسيقى والأطفال

الصورة عبر Kelly Sikkema على unsplash

الموسيقى وغناء التهويدات للأطفال أعطت نتائج جيدة جدا في تحسين سلوكيات التغذية عندهم وتهدئتهم. تسهم الموسيقى أيضا بشكل كبير في تكوين الطفل الجسدي والعضلي حيث تزيد من حركة الطفل وحماسه مما يعزز تقوية البنية العضلية للطفل خلال المراحل الأولى على وجه الخصوص.

6- العلاج النفسي والموسيقى

الصورة عبر andrewanwang على pixabay

يأخذ العلاج بالموسيقى أشكالا متعددة مثل العلاج بالاستماع للموسيقى والعلاج بالعزف والعلاج بالغناء والعلاج بالتعبير الحركي وأخيرا، دمج الموسيقى مع جلسات العلاج النفسي. يستخدم بعض الأطباء النفسيين الموسيقى الهادئة كخلفية لجلسات العلاج النفسي لمساعدة المرضى على الهدوء والاسترخاء والسرد. يقوم بعض الأطباء بمزج الموسيقى مع الرسم أو الموسيقى مع السيكودراما بأشكالها في جلسات العلاج الجماعي وقد أثبتت نجاحا كبيرا. نجاح الجلسة مرتبط بشكل كبير باختيار الموسيقى الأنسب للأفراد وللحالة سواء في الجلسات الفردية أو جلسات العلاج الجماعي.

المزيد من المقالات