رقصة الهاكا وما تبقى من شعب الماوري

قبل أربع سنوات انتشر فيديو لقبيلة من القبائل، هذا الفيديو كان به أفراد القبيلة وهم يؤدون رقصة غريبة، هذه القبيلة تنتمي لحضارة قديمة مختلفة عن بقية العالم على هذا الكوكب، وبالرغم من قلة عددهم إلا أن العالم كله يعرفهم، هذه الرقصة الشهيرة تسمى رقصة "الهاكا" وهذه القبيلة تسمى "الماوري"، وهم أصل الشعب النيوزيلندي. فما قصة رقصة الهاكا؟ وما سبب شهرتها؟

ما هي رقصة الهاكا؟

"الهاكا" رقصة قتالية أو تحدٍّ تقليديٍّ متوارث بين من تبقى من أبناء شعب الماوري الذين هم سكان نيوزلندا الأصليين. تعتمد رقصة الهاكا على الأوضاع الجسدية وتبديل ملامح الوجه مع حركاتٍ عنيفةٍ وضرب الأرض بالأقدام مصحوبة بصيحاتٍ متناغمةٍ مع الحركة حيث كان المقاتلون الماوريون القدماء يؤدون تلك الحركات على أنها تمثل احتفالاً بالحياة قبل المعارك استعراضًا لقوتهم وشجاعتهم من أجل إلقاء الرعب في قلوب الخصوم.

من هم شعب الماوري؟

الماوري هم السكان الأصليون لنيوزيلندا، كانوا بالأصل قادمين من بولينيزيا (ماليزيا وإندونيسيا)، وظلوا يعيشون في تلك الأراضي حتى عام 1840 م عندما أصبحت نيوزيلندا تحت الحكم البريطاني وتغيرت التركيبة السكانية وصارت عبارة عن 85% مهاجرين و 15% من قبائل الماوري.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

خصائص شعب الماوري

صورة من wikimedia

أفراد قبائل الماوري لهم أجساد ضخمة ويقومون بنحت شكل أو هيئة معينة على الوجه تسمى ب"تاموكو" وهي عبارة عن خطوط حلزونية منحوتة على الوجه، وتختلف وشوم الماوري عن أي شعب آخر حيث أنهم ينحتون الخطوط بواسطة إزميل فيترك مكانه أخدودًا ويجعل الوجه خشنًا، وهي من الطقوس المقدسة لشعب الماوري، وكلما زادت الخطوط الحلزونية كلما دل على ذلك على قوة الشخص وشجاعته. اشتهرت الوشوم الماورية في العالم بسبب أشكالها المميزة ودلالاتها على الشجاعة والقوة، فمن أشهر هذه الوشوم هذا الوشم الذي رسمه الملاكم العالمي "مايك تايسون" على وجهه والذي لفت أنظار الملايين لأنه ليس من المعتاد على الأشخاص المشاهير أن يرسموا وشمًا على الوجه بهذا الشكل. ونرى أيضًا هذه الوشوم على أجساد العديد من المشاهير والشخصيات العامة التي تنحدر من أصول ماورية كأمثال المصارع العالمي والممثل المشهور “دوين جونسون" الملقب بـ"ذا روك".

أصل شعب الماوري

يبلغ عدد شعب الماوري ما يقارب من 600 ألف نسمة، ويلاحظ تشابه بين الملابس التراثية لهذا الشعب مع ملابس الهنود الحمر، وكلمة الماوري هي اسم إله من آلهتهم بناءً على الميثولوجيا الخاصة بهم والتي تتفرد برؤيتهم الخاصة في قصة خلق البشر ونشأة الكون، وله قصة طويلة عندما تحدى ملك الموت. وهناك عادة غريبة لديهم وهي دفن الموتى مرتين، في المرة الأولى يدفنون الميت حين موته ثم بعد مرور سنة يقومون بإخراجه ودهنه بالدهانات الملونة ثم إعادة دفنه مرة أخرى. كما أن هناك أيضًا تشابه بين عادات وتقاليد الماوري مع العرب.

التشابه بين قبائل الماوري والعرب

صورة من wikimedia

يشتهر شعب الماوري بعزة النفس والأنفة، كما أن نساءهم لا يتزوجن إلا من رجال من الماوري، ولهم سلام مميز لا نراه إلا عند العرب، ألا وهو السلام بالأنف. وقد تتفاجأ حينما تعرف أن شعب الماوري في السابق كانوا يدفنون بناتهم لرغبتهم في أن يكون أبناؤهم كلهم من الذكور ليصبحوا محاربين أقوياء ويفتخروا بهم بين قبيلتهم. لم يستطع علماء الأنثروبولوجي تفسير هذا التشابه الغريب بين العرب وشعب الماوري مع هذا التباعد الجغرافي الكبير لكن مازالت الدراسات مستمرة بهذا الخصوص.

متى يؤدي الماوريون رقصة الهاكا؟

صورة من wikimedia

تم اختراع رقصة الهاكا بسبب حب شعب الماوري لإظهار القوة والشجاعة في القتال ودليل على استعدادهم لخوض غمار المعارك، كما أن رقصة الهاكا تمثل نبوءة من نبوءات الماوري حيث أن قائد الجيش ينظر باهتمام بالغ إلى الراقصين، فإذا قاموا بتأدية الرقصة بشكل خاطئ فهذه إشارة للقائد بأنه سيخسر المعركة إذا لم يقم بتعديل خططه وتجهيزه بشكل أفضل.

الهاكا..ترابط شعبي في الحزن والفرح

تستخدم رقصة الهاكا أيضًا في المناسبات للترحيب بالضيوف سواءً كانت المناسبة سعيدة كالأعراس أو حزينة كالجنازات. يقوم برقصة الهاكا عادةً الرجال، ويقتصر دور النساء على الغناء في الخلفية، ومازال منتخب نيوزيلندا للعبة الرجبي يقوم بأداء هذه الرقصة قبل بداية كل مباراة منذ سنة 1905 ميلادية وحتى الآن مما سمح لبقية الشعوب حول العالم بالتعرف على هذه الرقصة، ومما زاد في انتشار تلك الرقصة ذلك الحادث الأليم الذي أصاب المسلمين النيوزيلنديين جراء استهداف مسجد النور من قبل بعض المتطرفين، وكردٍّ من السكان النيوزيلنديين وإظهارًا لاستنكارهم لهذه الحادثة وكإعلانٍ عن تضامنهم مع أهالي الضحايا هرعوا إلى موقع الحادث وقاموا بأداء رقصة الهاكا أمام مسجد النور تعبيرًا منهم على التضامن مع الضحايا ورفض الكراهية. أما بالنسبة للجنازات فيؤدي النيوزيلنديون رقصة الهاكا للشخص ذي المكانة العالية، وتعد كنوع من الاحترام والتكريم له.تعكس رقصة الهاكا مدى قوة ترابط الشعب النيوزيلندي بالرغم من أنها قد تبدو للبعض كتقليدٍ عاديٍّ إلا أن من يقرأ تاريخ السكان الأصليين لنيوزيلندا ويرى شعب الماوري وهم يؤدون تلك الرقصة يظهر على ملامحهم الجدية والتفاني في الأداء خاصة ً ذلك الأداء في جنازة أسطورة رياضة الرجبي اللاعب "جونا لومو"، مما يدل على ما لتلك الرقصة من معانٍ عميقةٍ في تراث وثقافة شعب الماوري.

ماذا يقول الماوريون حين تأدية رقصة الهاكا ؟

صورة من wikimedia

وفي الختام سنترككم مع بعض الكلمات من الأناشيد التي ينشدها شعب الماوري وقت تأديتهم لرقصة "الهاكا"، فمن يشاهد أداء رقصة الهاكا سيسمع الصيحات التي ينطق بها المؤدون من الرجال وأيضًا يلاحظ نطق النساء لكلمات في بعض الأحيان، سنكتب لكم بعضًا من ما يقوله شعب الماوري حين أدائهم للهاكا:

القائد : " أنا أموت أنا أموت "

الفريق: " أنا أعيش أنا أعيش"

يصيح الجميع : " هذا الرجل المشعر الذي جعل الشمس تضيئ لي مرةً أخرى، اصعد السلم، اصعد السلم، إلى الأعلى، إلى الأعلى، الشمس تضيء! انهض! ".

المزيد من المقالات