وظائف ستختفي وأخرى مطلوبة بسبب الذكاء الاصطناعي

العالم يتغير بوتيرة متسارعة، والمحرك لهذه التغيرات هو التكنولوجيا، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. هذه التقنية المعقدة التي تتعلم وتتحسن ذاتيًا تغزو كافة المجالات.

تعصف ثورة الذكاء الاصطناعي بالعالم، وتخلف وراءها موجة من التغيرات التي تعيد تشكيل كل جانب من جوانب حياتنا، بما في ذلك سوق العمل. وبينما تخلق هذه التقنيات فرصًا جديدة واعدة، فإنها تُلقي أيضًا بظلالها على مستقبل بعض المهن التي قد تواجه خطر الزوال على المدي البعيد والقصير أيضًا، مما يطرح سؤالًا مُلحًا: ما مصير المهن التي يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها؟

الذكاء الاصطناعي والوظائف: هل ستحل الآلات محلنا؟

يُعد الذكاء الاصطناعي ثورة صناعية جديدة تضرب عالمنا، حيث تخترق أنظمة التعلم الآلي مجالاتٍ لم تخطر ببال الخيال سابقًا، وتقوم بأتمتة المهام بوتيرة متسارعة. ومع هذا التقدم لا بد من التساؤل: هل ستحل الآلات محلنا في الحياة؟ وما مصير الوظائف البشرية في ظل هذا الذكاء المتنامي؟

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

يمثل الذكاء الاصطناعي تهديدًا حقيقيًا لبعض الوظائف، خاصةً تلك التي تتميز بطابع روتيني وتتضمن مهامًا متكررة وقابلة للتنبؤ بها. فعلى سبيل المثال، يمكن للبرامج الآلية الآن إتمام معاملات بنكية، وحجز الرحلات الجوية، وكتابة التقارير المالية، بل وحتى صياغة أخبار بسيطة، وهي وظائف كان لا يقوم بها إلا البشر في السابق. وبينما يُقدر البعض إمكانية اختفاء 47% من الوظائف التقليدية الحالية بسبب الذكاء الاصطناعي خلال العقدين المقبلين، يرى آخرون أن تأثيره لن يكون بهذا الحجم، وأن فرصًا وظيفية جديدة ستنشأ لم تكن موجودة من قبل.

في الواقع، هناك عدد من الوظائف التي تواجه احتمالية عالية للزوال أو التحول بشكل جذري بفعل الذكاء الاصطناعي. وتحسبًا للمستقبل؛ نحاول أن نسرد عليكم هذه الوظائف والمجالات لتجنب مصير ليس بالحسبان، ومن أجل دفع التعايش والتطور المطلوب لمستقبل افضل للعاملين البشر.

1. الوظائف الروتينية والنمطية - الروبوتات والذكاء الاصطناعي

الصورة عبر pexels

المهام المتكررة والقابلة للتنميط هي أسهل الفرائس للذكاء الاصطناعي. أعمال مثل إدخال البيانات، والخدمات اللوجستية البسيطة، وبعض أعمال المصانع، يمكن استبدالها بآلات تعمل بتوجيه برامج ذكية، ما يهدد فرص عمل الكثيرين. فمن اسهل ما يكون وأبسط طرق تعلم الآلة أو البرامج الذكية هي تلك التي تعتمد على عمليات مكررة، وسيناريوهات سلسة أو حتى معقدة يمكن تعلمها بكل سهولة. وهذا يعطي نسب كبيرة في تفادي الأخطاء البشرية، وكذلك سلاسة وسرعة الأداء. وهى مقاييس مطلوبة في عالم الأعمال دومًا.

وللتبسيط يمكن أن نقول؛ أي الأعمال التي تتضمن تكرار المهام البسيطة وتتطلب القليل من الإبداع أو التفكير النقدي. ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

● عمال خطوط الإنتاج: يمكن للروبوتات أن تقوم بمهام التجميع والتعبئة والتغليف بشكل أكثر دقة وسرعة من البشر، مما يمكن الاستغناء عن الكثير من البشر في هذه الوظائف، ويصبحوا عرضة للاستبدال التام.

● عمال البناء والمصانع: تعمل شركات الروبوتات على تطوير روبوتات أكثر قدرة على القيام بمهام البناء والتصنيع المختلفة، مما يهدد هذه الوظائف التي تعتمد على العمل البدني الشاق.

● عمال الزراعة والحصاد: يمكن للطائرات بدون طيار والآلات الزراعية الآلية القيام بمهام الزراعة والري والحصاد بشكل أكثر دقة وفعالية من البشر، مما قد يؤدي إلى تسريح عدد كبير من العاملين في المجال الزراعي.

● وظائف السائقين مثل سائقو سيارات الأجرة ومركبات النقل: السيارات ذاتية القيادة تتطور بسرعة، وبالرغم من التحديات القانونية والتقنية، إلا أنها من المرجح أن تحل محل سائقي الأجرة وخدمات النقل العام في المستقبل القريب. تعتبر القيادة الذاتية أحد أكثر التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي، مما يهدد مستقبل جميع هذه المهن بشكل كبير.

ومن المتوقع الإنخفاض الكبير لهذه المهن عمومًا خلال السنوات العشر المقبلة.

2. وظائف ستختفي بسبب الذكاء الاصطناعي نتيجة المهارات التي يمكن تعليمها للآلات

الصورة عبر pexels

الذكاء الاصطناعي حقق نجاحاً كبيراً في التعلم المستمر مع العديد من الوظائف التي تتطلب مهارات من المستوى البسيط وحتى المتقدم. فمن المتوقع أن هناك عدة وظائف في العالم سيداهمها الآلات والتطبيقات الذكية:

● المحاسبون والمحللون الماليون: يمكن للبرامج الذكية الآن تحليل البيانات المالية وتقديم توصيات استثمارية دقيقة، مما يقلل الحاجة إلى المحترفين البشريين في بعض المهام.

● المترجمون الفوريون: مع تطور تقنيات ترجمة اللغات الآلية، قد تصبح خدمات المترجمين الفوريين أقل طلبًا في المستقبل.

● مدخلو البيانات + وظائف التصنيف لجمع البيانات: مع قدرة برامج الذكاء الاصطناعي على قراءة البيانات ومعالجتها بسرعة ودقة فائقة، ستختفي الحاجة إلى الوظائف التي تعتمد على إدخال وتصنيف المعلومات يدويًا.

● محققو المعلومات: بفضل قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة، ستتقلص حاجة الشركات لهذه المهام اليدوية.

● موظفو خدمة العملاء: تحل بالفعل برامج الدردشة الآلية محل البشر في الإجابة على الأسئلة الشائعة وتقديم الدعم الأساسي للعملاء، دون الحاجة إلى موظفي خدمة العملاء التقليديين. فالـ chatbots الذكية قادرة على الإجابة عن الأسئلة، وإدارة الحجوزات، وحل المشكلات البسيطة، ما يقلل الحاجة إلى الموظفين البشريين في مراكز الاتصال.

● المدققون اللغويون: لم تكن برامج التدقيق اللغوي أكثر دقة كمثل هذه الأيام. وهناك تطورًا قادمًا لما هو أفضل! فأصبحت مثل تلك التطبيقات تقوم بعمل يتطلب ساعات في دقائق وربما أقل. وعلى الرغم من ذلك إلا أن التدقيق اللغوي الإبداعي قد يتطلب الكثير من الوقت للوصول إلى جودة العقل البشري الخبير.

● وظائف البيع بالتجزئة والخدمات البسيطة: يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الشراء وتقديم توصيات شخصية للعملاء، كما يمكنها إدارة المخزون بشكل فعال، مما قد يؤدي إلى تقليل عدد الموظفين المطلوبين في المتاجر.

3. الوظائف الإدارية والإبداعية المهددة

الصورة عبر pexels

استخدام الذكاء الاصطناعي ينمو طوال الوقت عبر التطوير والتعلم، ولذا أصبحت حتى الوظائف التي تتطلب قدرًا ليس بالبسيط من التفكير والذكاء البشري أيضًا عرضة للإحلال.

● بعض الوظائف الإدارية والتحليلية: برامج الذكاء الاصطناعي تتحسن باستمرار في تحليل البيانات والتنبؤ بالنتائج، ما قد يؤدي إلى استبدال المحللين الماليين وبعض المحاسبين التقليديين في المستقبل.

● أعمال إبداعية بسيطة: كتابة المحتوى الروتيني، والتصميم الجرافيكي الأساسي التقليدي، وبعض أنواع الترجمة، وبالأخص الترجمة الروتينية قد تتأثر أيضًا بالذكاء الاصطناعي، خاصة مع تطور أدوات الإبداع الآلي.

هذه مجرد أمثلة، والقائمة تطول. لكن هل يعني هذا نهاية الوظائف البشرية خلال السنوات المقبلة؟ بالطبع لا! فالتاريخ يخبرنا أن التقدم التكنولوجي يخلق فرصًا جديدة بقدر ما يلغي أخرى. المهن الجديدة التي ستنشأ بفضل الذكاء الاصطناعي تتطلب مهارات مختلفة تتعلق بالإبداع، والتفكير النقدي، والذكاء الاجتماعي، والعلاقات الإنسانية. التركيز على هذه المهارات، والاستعداد للتكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة، يضمن البقاء واقفًا على قدميك حتى في خضم موجة الذكاء الاصطناعي.

ما هي أكثر المهارات المطلوبة لمواكبة الذكاء الاصطناعي؟

الصورة عبر pexels

لا داعي للخوف من الذكاء الاصطناعي، فهو شريك لنا في رحلة التقدم، علينا فقط أن نستعد لتوجيه دفته نحو مستقبل أفضل، وحيث يزدهر الإنسان والآلة معًا.

بينما يثير الذكاء الاصطناعي مخاوف بشأن استبدال الآلات للوظائف البشرية، إلا أنه يخلق أيضًا مجموعة مثيرة من الفرص الوظيفية الجديدة. تتطلب أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة دعمًا بشريًا متخصصًا في مجالات متنوعة، مما يؤدي إلى ظهور مهن لم نكن نحلم بها من قبل.

ولا يدعو الحديث عن التهديد إلى اليأس، فالتحول الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي سيخلق فرصًا جديدة واعدة أيضًا. فستزداد الحاجة إلى:

● مهارات التحليل المتقدمة للبيانات ومعالجتها: سيلعب الخبراء في تحليل البيانات دورًا محوريًا في استخلاص المعاني من الكم الهائل من البيانات التي ستجمعها أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتوظيفها في اتخاذ القرارات وتحسين العمليات.

● مهارات تطوير وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي: سيحتاج العالم إلى جيش من المطورين والمهندسين لتصميم وبناء وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة.

● مهارات الإبداع والابتكار المتقدمة: مع ترك المهام الروتينية للآلات، سيتحرر البشر للتركيز على المهام التي تتطلب الإبداع والابتكار والتفكير النقدي، وسيكون الطلب كبيرًا على المبدعين ورواد الأعمال في مجالات جديدة ستنشأ بفضل الذكاء الاصطناعي.

● مهارات التعامل مع الآلات ودمجها في العمل: سيتعين على جميع الموظفين، بغض النظر عن مجال عملهم، التأقلم مع وجود الذكاء الاصطناعي والتعلم على التعاون معه بفعالية لتحقيق أعلى درجات الإنتاجية.

ما هي الوظائف المطلوبة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

الصورة عبر pexels

على الرغم من أن هناك قلقًا كبيرًا لدى الكثيرين؛ إلا أن هناك مجالات واسعة ستولدها تلك الثورة الصناعية الجديدة، وهناك قائمة شاسعة لوظائف متعلقة بالعصر الجديد، ومنها ما هو قائم بالفعل، وسوف نذكر مدي التطوير والتجديد لتلك الوظائف:

● علماء البيانات: لاستخراج المعاني والأنماط القيمة من البيانات وتحويلها إلى رؤى قابلة للتنفيذ.

● مهندسو البيانات: لبناء بنية تحتية للبيانات اللازمة لتخزين ومعالجة الكم الهائل من البيانات.

● مهندسو الذكاء الاصطناعي: لتصميم وبناء وتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي المختلفة.

● خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: للتأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تتوافق مع القيم الأخلاقية وتُستخدم بطريقة مسؤولة.

● أخصائيو أمن الذكاء الاصطناعي: لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من الهجمات الإلكترونية والاستخدام الضار.

● المبدعين ورواد الأعمال: لتطوير تطبيقات وتقنيات جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

● الفنانين والمصممين: لخلق المحتوى والخبرات التفاعلية التي تعززها تقنيات الذكاء الاصطناعي.

● الكتاب والصحفيين: لتفسير البيانات والرؤى التي تنتجها أنظمة الذكاء الاصطناعي وتحويلها إلى قصص ومقالات جذابة.

● مديري المشاريع: لقيادة فرقًا تجمع بين الخبراء البشريين والأنظمة الذكية لتحقيق أهداف مشتركة.

● المعلمين والموجهين: لتدريب وإعداد القوة العاملة على التكيف مع عالم العمل المتغير الذي يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي.

● خبراء الاتصال: لشرح كيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي للجمهور العام وبناء الثقة في هذه التقنيات.

● مصممو UX/UI: لإنشاء واجهات بديهية وسهلة الاستخدام للمنتجات والخدمات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

● الخبراء القانونيون: للتنقل في القضايا القانونية والأخلاقية المعقدة المحيطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الملكية الفكرية والمسؤولية والخصوصية.

● متخصصو الرعاية الصحية: التعاون مع مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات لتطوير ونشر حلول الذكاء الاصطناعي التي تعمل على تحسين رعاية المرضى وتشخيصهم ونتائج العلاج.

● علماء البيئة: لتسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد وتحليل البيانات البيئية لفهم تغير المناخ والكوارث الطبيعية والتخفيف منها بشكل أفضل.

● المحللون الماليون: للاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل اتجاهات السوق واتخاذ قرارات الاستثمار وإدارة المخاطر في الصناعة المالية.

● مديرو سلسلة التوريد: لتحسين العمليات اللوجستية وسلسلة التوريد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف.

● علماء الاجتماع: لدراسة تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع والسلوك البشري، بما في ذلك التأثيرات على التوظيف وعدم المساواة وصنع القرار.

● متخصصو إنفاذ القانون والأمن: استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للمراقبة والشرطة التنبؤية واكتشاف التهديدات لتعزيز السلامة العامة والأمن القومي.

ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها للاستعداد لمهن المستقبل؟

الصورة عبر pexels

● التعلم مدى الحياة: مع تطور مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة، من الضروري الالتزام بالتعلم المستمر واكتساب مهارات جديدة حديثة قدر المستطاع.

● التأكيد على مهارات التفكير الناقد: ستظل المهارات البشرية الفريدة مثل الإبداع والتفكير النقدي والتعاطف مطلوبة للغاية في عصر الذكاء الاصطناعي.

● الاستعداد للتعاون مع الآلات: يجب أن نكون مستعدين للعمل بطبيعة الحال مع تلك البرامح والآلات الذكية الجديدة، فالأمر ليس مقتصرًا على التطور المميكن وحده، ولكن يمكننا القول ببساطة أننا مقدمون على عصر يعمل فيه البشر مع الآلات الذكية بشكل أسرع وأكثر.

● التقليل من اكتساب المهارات التقليدية والروتينية: تساهم دومًا التكنولوجيا بشكل عام في التقليل من العمل الروتيني، وحلت تلك الموجة الجديدة وظائف كثيرة بالفعل. فالأفل حاليًا هو عدم التركيز على مثل هذه المهارات.

وفي ظل هذا التحول السريع، يجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية الاستعداد للمستقبل من خلال إعادة هيكلة برامج التعليم والتدريب: لتزويد القوة العاملة بالمهارات المطلوبة في عصر الذكاء الاصطناعي، ينبغي التركيز على مهارات تحليل البيانات، والبرمجة، والتفكير النقدي، والإبداع، والتعلم مدى الحياة. كذلك بناء شبكات الأمان الاجتماعي بحيث يجب توفير برامج إعادة التدريب ودعم التحول الوظيفي.

المزيد من المقالات