اكتشاف مذهل: أسنان حلزون البحر هي أقوى مادّة في الطبيعة

لقد قمتَ بالضغط بشدّة على قطعة حلوى قاسية، والآن أنت بحاجة إلى العثور على طبيب أسنان. ألن يكون جميلاً لو كانت أسنانك أقوى؟ صدّق أو لا تصدّق، لقد حان الوقت للبدء في الشعور بالغيرة من القواقع. اكتشف العلماء مؤخّراً أنّ أحد أنواع القواقع البحريّة ـــــــ ويُدعى البطلينوس ـــــــ يمتلك أقوى أسنان يمتلكها أيّ كائن حيّ معروف. في الواقع، أسنان البطلينوس هي أقوى مادّة بيولوجيّة معروفة على الإطلاق!

يمكن لأسنان البطلينوس أن تتحمّل ضغطاً أكبر مما يتطلّبه الحصول على الماس من الكربون. ربّما هي التي يجب علينا أن نضعها في أصابعنا!

القوّة الحقيقيّة لأسنان القواقع:

تتمتّع أسنان البطلينوس بمقاومة شدّ تتراوح بين 3 و6.5 جيجا باسكال. الباسكال يساوي نيوتن واحد في المتر المربّع، والجيجا باسكال يساوي مليار باسكال. إذا كنت صاحياً، فقد يبدو هذا التعريف مربكاً بعض الشيء، ولكن من الأسهل وضع الباسكال والجيجا باسكال في منظورهما الصحيح عندما تفكّر في حرير العنكبوت.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

قبل أن يكتشف العلماء مدى قوّة أسنان البطلينوس، كانوا يعتقدون أنّ حرير العنكبوت هو أقوى مادّة بيولوجيّة، فلحرير العنكبوت مقاومة شدّ تبلغ 1.3 جيجا باسكال. وهذا يعني أنّ أسنان البطلينوس أقوى بخمس مرّات من حرير العنكبوت. وفقاً لأحد التقديرات، فإنّ لحرير العنكبوت، رطلاً مقابل رطل، مقاومة شدّ تبلغ خمسة أضعاف مقاومة شدّ الفولاذ. الفولاذ أقوى من حرير العنكبوت في نواحٍ أخرى، لكنّ الحقيقة هي أنّ حرير العنكبوت مذهل، وأسنان البطلينوس مذهلة أكثر بخمس مرات.

أسنان البطلينوس ليست قاسية بقدر الماس، ولكنّ الألماس من جهة أخرى لا ينمو كأجزاء من الكائنات الحيّة، ما يجعل من البطلينوس ملك مسابقة "من لديه أقوى جزء من الجسم".

عندما ترى القواقع في حديقتك، قد تشعر بالانزعاج، لكنّ الحلزون البحريّ، ابن عمّ هذه المخلوقات المزعجة، والذي يصل طول صدفته إلى 60 مم، هو أحد عجائب الطبيعة الحقيقيّة. ربّما استغرق البطلينوس وقتاً طويلاً حتّى يحصل على التقدير الذي يستحقّه لأنّ أسنانه صغيرة جدّاً؛ إذ يبلغ طول أسنان البطلينوس، الموجودة أسفل لسانه مثل الزائدة، أقلّ من ميلليمتر واحد.

كيف يستخدم البطلينوس أسنانه؟

الصورة عبر EmergentPixie على deviantart

إذا كنت تفكّر في الحصول على بطلينوس هجوميّ بسبب أسنانه القويّة المذهلة، فكّر مرّة أخرى. لا يستخدم البطلينوس أسنانه لطحن فرائسه وإرسالها إلى غياهب النسيان. بل يستخدمها لكشط الصخور عندما يتغذّى على الطحالب. يعدّ وجود مثل هذه الأسنان الصلبة أمراً ضروريّاً، لأنّه إذا لم تكن أسنانه متينة جدّاً، فسوف يحتّها الصخر بسرعة وستنتهي إلى لا شيء، ويصبح البطلينوس غير قادر على تناول الطعام. إنّ الشكل المنحني للأسنان، بالإضافة إلى قوّتها، يجعلها مثاليّة لمساعدة البطلينوس على تناول طعامه المفضّل.

يمكن للبطلينوس أن يعيش ما بين 10 إلى 20 عاماً، لذلك من الضروريّ أن تصمد أسنانه لفترة طويلة في ظلّ ظروف قاسية. ليس من المستغرب أنّ القواقع البحريّة لا تحصل على الكثير من التغذية من الصخور التي تقوم بكشطها مع الطحالب. هل تريد حقيقة ممتعة أخرى؟ نفايات البطلينوس تشبه الخرسانة إلى حد ما.

لماذا أسنانه قويّة جدّاً؟

الصورة عبر Vicki Burton على flickr

إذاً ما الذي يساهم في قوّة أسنان البطلينوس غير الطبيعيّة؟ تحتوي الأسنان على فلزّ يعرف باسم الغوثايت، وهو صخرة داكنة تحتوي على الحديد، شائعة في العديد من التكوينات حول العالم. في الواقع، من المحتمل أن ترى بعض مادة الغوثايت في المرّة القادمة التي تقود فيها سيّارتك عبر كولورادو.

يمكن أن يكون الغوثايت بأيّ عدد من الألوان، بدءاً من اللون القزحيّ إلى اللون البنيّ المحمرّ والعديد من الألوان بينهما. نعم، تحتوي هذه القواقع في أسنانها على نفس المادّة التي استمرّت في التكوينات الصخريّة منذ آلاف السنين. علاوة على ذلك، فإنّ الغوثايت الموجود في أسنان البطلينوس مغلّف بالبروتين، وهذا ما يقوّيها أكثر.

لماذا يهتمّ البشر بهذا الاكتشاف؟

الصورة عبر Sean Oulashin على unsplash

العلماء متحمسون لهذا الاكتشاف بسبب قدرته على مساعدتهم في تصميم موادّ جديدة قويّة. في الواقع، هناك مصطلح يصف استخدام أفضل سمات الطبيعة في التطبيقات البشريّة: المحاكاة الحيويّة.

لقد منحت المحاكاة الحيويّة للبشريّة بالفعل الكثير ممّا يستحقّ الشكر. إنّ التثبيت بـ "الفيلكرو" مستوحى من نبات الأرقطيون، وهو نبات ينمو في جبال الألب السويسريّة. ألهم طائر الرفراف تصميم مقدّمة "قطار الطلقة" السريع في اليابان؛ يقلّل التصميم الجديد كثيراً من الضوضاء التي تصدرها هذه القطارات عند خروجها من الأنفاق. كانت الأعمال الداخليّة لخلايا النحل هي الفكرة وراء طريقة توزيع الطاقة. ألهمت الديناميكا الهوائيّة لنوع من الأسماك تصميم السيّارة. هذه مجرد أمثلة قليلة من الأفكار التي قدمّتها الطبيعة للبشر بالفعل.

هناك عدد لا يحصى من التطبيقات المحتملة للمبادئ الكامنة وراء أسنان البطلينوس. يمكن أن يؤدّي البحث في أسنان البطلينوس إلى مبانٍ أقوى وسيّارات أكثر أماناً. لكنّ هذا ليس كل شيء، بل يمكن أن يؤدّي إلى بديل لألياف الكيفلر المضادّة للرصاص. وبطبيعة الحال، كلّ الأفكار الخاصّة بأسنان البطلينوس هي في مراحلها الأولى، لذلك سيتعيّن علينا التحلّي بالصبر لاكتشاف كيف ستساعد هذه المخلوقات البحريّة اللزجة في خلق عالم أفضل للأشخاص الذين يسيرون على قدمين.

المزيد من المقالات